Friday, May 7, 2010

الاستواء لغةً في القرآن الكريم


الاستواء لغةً في القرآن الكريم

** (استوى):
- (ولمّا بلغ أشده واستوى آتيناه حكماً وعلماً) [القصص 14].
- (ذو مِرّةٍ فاستوى) [النجم 6].

** (استوى إلى):
- (ثم استوى إلى السماء) [البقرة 29؛ فصلت 11].

** (استوى على):
- (ثم استوى على العرش) [الأعراف 54، يونس 3؛ ومواضع كثيرة].
- (واستوَت على الجوديّ) [هود 44].
- (فإذا استويتَ أنت ومَن معك على الفلك) [المؤمنون 28].
- (لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه) [الزخرف 13].
- (فاستغلظ فاستوى على سوقه) [الفتح 29].

نظرات لغوية في كتاب الله ..

** أصلُ الاستواء: الاعتدال والاستقامة، استوى: اعتدل. وتتنوّع دلالات الاعتدال بتنوّع السياقات. كاستواء الرَّجُل، والاستواء إلى الشيء، والاستواء على الشيء.

** بالنسبة للصنف الأول وهو الفعل بلا حرف جرّ، (استوى): أي اعتدل. و "استوى الرجل": اعتدل عمره أو صورته.

- فأما اعتدال العُمر، فهو بلوغه أربعين سنة. قال تعالى (حتى إذا بلغ أشده واستوى) ويفسّره قوله (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة) [الأحقاف 15]. ولذلك فرّق القرآن بين يوسف وموسى، فقال مع يوسف (ولما بلغ أشده آتيناه) وقال مع موسى (ولما بلغ أشده واستوى آتيناه)، فتأمل.

- وأما اعتدال الصورة ففي قوله عن جبريل (ذو مِرّةٍ فاستوى)، إذ رآه النبي صلى الله عليه وسلم في الأفق الأعلى على صورته التي خلقه الله عليها.

** بالنسبة للصنف الثاني وهو الفعل يليه حرف الجر "إلى"، (استوى إلى): أي قَصَدَ. قال في اللسان: ((الجوهري: استوى إلى السماء أي قَصَدَ)). وقال: ((قال الزجاج في قوله تعالى "ثم استوى إلى السماء": عَمَدَ وقَصَدَ إلى السماء)). اهـ

وقال النسفي في تفسيره: ((الاستواء: الاعتدال والاستقامة. يقال: استوى العود، أي قام واعتدل. ثم قيل: استوى إليه كالسهم المرسل، أي قصده قصداً مستوياً من غير أن يلوي على شيء. ومنه قوله تعالى: "ثم استوى إلى السماء" أي: أقبل وعمد إلى خلق السموات بعد ما خلق ما في الأرض من غير أن يريد فيما بين ذلك خلق شيء آخر)). اهـ

وقال البيضاوي في تفسيره: (("ثم استوى إلى السماء": قصد إليها بإرادته، مِن قولهم: استوى إليه كالسهم المرسل، إذا قصده قصداً مستوياً من غير أن يلوي على شيء)). اهـ وقالا في تفسير الجلالين: (("ثم استوى إلى السماء" بعد خلق الأرض: أي قَصَدَ)). اهـ

** بالنسبة للصنف الثالث وهو الفعل يليه حرف الجر "على"، (استوى على): أي اعتدل عليه واستقرّ . وجاء في القرآن الاستواء على الفلك، والاستواء على الجودي، والاستواء على الأنعام، والاستواء على السُوق، فضلاً عن الاستواء على العرش.

- الاستواء على الفُلك:
قال الطبري: ((يعنـي تعالـى ذكرُه بقوله "فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك": فإذا اعتدلتَ فـي السفـينة أنت ومعك مَن حملته معك مِن أهلك، راكباً فـيها عالياً فوقها)). اهـ وقال الطبراني في تفسيره: ((قوله تعالى "فإذا استويتَ أنت ومن معك على الفلك": أي إذا اعتدَلْتَ في السفينة رَاكباً واستقرَّ بكَ ولِمن معكَ الفلك في الماء)). اهـ

وقال البغوي: (("فإذا استويتَ": اعتدلتَ)). اهـ وقال النسفي: (("فإذا استويتَ أنتَ ومَن معك على الفلك": فإذا تمكنتم عليها راكبين)). اهـ

- الاستواء على الجوديّ:
قال الطبري: ((استوت: أرْسَت علـى الـجوديّ)). اهـ قال البغوي: (("واستوت" يعني السفينة: استقرّت)). اهـ وقال النسفي: (("واستوت": واستقرّت السفينة)). اهـ وقال البيضاوي: (("واستوت": واستقرت السفينة)). اهـ وقال الجلالان: (("واستوت": وَقَفَت السفينة)). اهـ



- الاستواء على الأنعام:
قال البقاعي: (("لتستووا" أي: تكونوا مع الاعتدال والاستقرار والتمكن والراحة)). اهـ وقال الجلالان: ((لتستووا": لتستقروا)). اهـ

- الاستواء على السُوق:
قال النسفي: (("فاستوى على سوقه": فاستقام على قصبه)). اهـ وقال الجلالان: (("فاستوى": قوي واستقام)). اهـ

= = = = = = = = = = =

وماذا عن الاستيلاء؟

الاستيلاء ليس مرادفاً للاستواء، ولا مِن معانيه، اللهم إلاّ إذا حُمِلَ على معنى التمكّن والتملك لا الغلَبة، ويظلّ بعيداً أيضاً. وكلاهما لا يجوز على الله تعالى:
- أما الأول، فيعني أن الله لم يكن متمكناً ولا متملكاً قبل الاستواء.
- وأما الثاني، فيعني أن هناك مَن نازع الله على العرشَ.
وكلاهما باطل، فظهر فساد القول بالاستيلاء.

= = = = = = = = = = =

وقد وقع الاستواء في السُنة بمعناه اللغويّ وهو الاعتدال:
- (البخاري 652، مسلم 421): ((ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف)).
- (البخاري 769): ((استوى قاعداً ثم نهض)).
- (البخاري 1470): ((حتى استوى على البيداء)) .. الخ.
- وما ورد عن الاستواء على الراحلة والاستواء على المنبر، فمثله مثل الاستواء على السفينة والاستواء على الدابة: الأصل أنه بمعنى الاعتدال والاستقرار، وما كان كذلك فسبيله الاعتلاء.

وقد جاءنا عن السلف في الاستواء قولان: مَن يقول هو الاستقرار، ومَن يقول هو العلوّ. وكُلٌ تكلّمت به العرب الذين نزل القرآن بلسانهم.

على أن القول بأن استواء الله على العرش لا يعني إلا علوّه، فيه نظر: لأن الله سبحانه لم يكن تحت عرشه قبل هذا ثم صعد عليه. بل علوّ الله سابقٌ على خلق السماوات والأرض، فهو من صفاته الذاتية سبحانه وتعالى.

= = = = = = = = = = = =

إذا اتضح لك هذا، علمتَ أن المعنى اللغوي للاستواء معلوم، أما كيفيته في الآية الكريمة فمجهولة لا نعلمها ولا طائل من البحث فيها، ولا مجال للعقل أن يتأوّلها.

فالله عز وجلّ أثبت لنفسه الاستواء على العرش، فنثبتُه كما أثبته سبحانه. ولكنه لم يخبرنا بكيفيته، فنتوقفُ عند كلام الله ولا نقفو ما ليس لنا به علم.

ولذلك لمّا سُئل الإمام مالك عن هذا قال: ((الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة)). اهـ

والله تعالى أعلى وأعلم


http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=175420

No comments:

Post a Comment